الأربعاء، 27 مارس 2019

ما هي مكونات التفكير الإبداعي وكيف تنتج عملا مبدعا؟؟؟

ما هي مكونات التفكير الإبداعي وكيف تنتج عملا مبدعا؟؟؟
الإبداع أسلوب من أساليب التفكير الموجه والهادف، يسعى الفرد من خلاله لاكتشاف علاقات جديدة أو يصل إلى حلول جديدة لمشكلاته، أو يخترع أو يبتكر مناهج جديدة أو طرقاً جديدة أو أجهزة جديدة أو ينتج صوراً فنية جميلة.
فالشيء المبدع يكون دائماً جديداً مختلفاً عن المألوف ومنفرداً، وهذا لا يعني أنه لا يستخدم الخبرات السابقة فهناك علامات كثيرة توضح أن جميع الإبداعات تتضمن التأليف بين أفكار قديمة من أجل إخراج تشكيلات جديدة، القديم هو أساس إبداع الجديد.
وما الحضارات البشرية الراقية على مر العصور إلا نتاجا للتفكير الإبداعي، فإنتاج القدماء في مختلف الحضارات فيه إبداع، وإنتاج العصور الحديثة فيه إبداع كذلك، فلولا المبدعين وأفكارهم لظلت الحياة بدائية حتى اليوم.

ينظر البعض للتفكير الإبداعي على أنه عملية ذات مراحل متعددة ومتتابعة، تبدأ بالإحساس بالمشكلة وتنتهي بالحدس أو الإشراق الذي يحمل في طياته الحل المنتظر، ومنهم من ينظر إليه على أنه الإنتاج الإبداعي الذي يتسم بالجدة، والندرة، والقيمة الاجتماعية، وعدم الشيوع.

وهو التفكير الذي نصل به إلى أفكار ونتائج جديدة لم يسبقنا إليها أحد، وقد يتوصل إليها الفرد المبدع بتفكير مستقل، وقد تكون نتاج مبدع آخر يعمل كل منهما مستقلاً عن زميله، وتتأتي هذه الأفكار والنتائج لهما معاً، مع عدم وجود صلة بينهما في عمل مشترك، كما أنه تفكير يسير نحو هدفه وبأسلوب غير منظم، ولا يمكن التنبؤ به، فهو لا يسير ضمن خطوات محددة، وهذا ما يميزه عن غيره “.
أما معنى كلمة الإِبْدَاع فيأتي من بدع الشيء وابْتَدَع أتى ببِدْعة؛ أي أوجده من لا شيء أو من العدم أو أنشأه من غير مثال سابق (المعجم الوجيز، 2000: 40)
أ. تعريف التفكير الإبداعي على أساس العملية الإبداعية:
لجأ أصحاب هذا النوع من التعريفات إلى محاولة تبسيط عملية التفكير الإبداعي بتقسيمها إلى مراحل. وأشهر هذه التقسيمات وأقدمها هو تقسيم "جراهام والاس" G. Wallas  (1926)، من خلال أربع مراحل، هي:
1.    مرحلة الإعداد Preparation: التي تتضمن دراسة المشكلة بالاطلاع والتجربة   والخبرة. حيث يتاح فيها للمبدع أن يحصل على المعلومات والمهارات والخبرات التي تمكن من تناول موضوع الإبداع أو تحديد المشكلة، وقد تبين أن ذوي المستوى المرتفع في الإبداع هم الذين يخصصون جزءاً كبيراً من الوقت الكلي للمرحلة الأولى الخاصة بتحليل المشكلة وفهم عناصرها قبل الشروع في محاولة حلها على عكس    ذوي المستوى الأولي في الإبداع الذين مُنحوا وقتاً أقل لتلك الخطوة
2.    مرحلة الكمون أو الاختمار Incubation: التي تتضمن الاستيعاب لكل المعلومات والخبرات المكتسبة الملائمة وهضمها أو تمثيلها عقليا. وهو ربما يقود دون أن يفطن الفرد إلى رموز جديدة أكثر فائدة مستمدة من البيئة في حين يكون الفرد منغمساً في نشاط آخر.  وقد وضح من إحدى التجارب أن أداء الفرد في عمل سابق ربما يسهل الاستبصار في عمل لاحق حتى ولو كان لا يفطن إلى الارتباط بينهما. 
3.    مرحلة الإشراق أو الكشف أو الوميض Illumination: التي تتضمن انبثاق شرارة الإبداع وهي اللحظة التي تنبثق فيها الفكرة الجديدة. وتظهر فجأة بشكل جلي ومترابط مع الأحداث التي تسبقها، أو التي تكون مصاحبة لها.  ويرى بعض الباحثين أن العامل المهم في العملية الإبداعية هو الإلهام الذي قد تسبقه فترة من التفكير والبحث عن الحل أو فترة من الهدوء والاسترخاء والسكون، وتأتي الفكرة الملهمة فجأة، وفي وقت لا يكون المبدع منشغلاً بالتفكير فيها، وقد تأتي هذه الفكرة في أثناء الأحلام الليلية. 
4.    مرحلة التحقق Verification: التي تتضمن الاختبار التجريبي للفكرة المبتكرة   وتقييمها. وهي تشبه مرحلة الإعداد من حيث إنها واعية تماماً، وتخضع للقوانين والأسس والمبادئ المنطقية، مثلها في ذلك مثل مرحلة الإعداد.  ويتم في هذه المرحلة تقييم واختبار الحلول أو الأفكار المنتجة، وإعادة فحص محتواها، والنظر في مدى تمشيها مع قوانين المنطق العقلي وصلاحيتها للعمل، أو التنفيذ
وهناك من لا يعترف مطلقاً بوجود أي خطوات لعملية التفكير الإبداعي
وهناك وجهة نظر أخرى تصف عملية التفكير الإبداعي بأنها عملية شديدة التعقيد فيها التذكر والتفكير والتصور، وفيها الكثير من الدوافع، وتتضمن إصدار القرارات.
ب. تعريف التفكير الإبداعي على أساس الإنتاج الإبداعي:
وهناك بعض الآراء التي نظرت إلى التفكير الإبداعي في إطار أكثر تحديداً وفي ضوء ما ينتج عنه من ناتج.
ك تعريف "كالفن تايلور" C. Taylor  (1965) الذي وضع خمس مستويات للتفكير الإبداعي:
1.   مستوى الإبداع التعبيري Expressvie Creativity: : وتتمثل في الرسوم التلقائية، وفي التعبير المستقل دون حاجة إلى مهارة أو أصالة أو نوعية الإنتاج.
2.   مستوى الإبداع الإنتاجي Productive Creativity: وفيه يتم تقيد النشاط الحر التلقائي وضبطه وتحسين أسلوب الأداء في ضوء قواعد معينة.
3.   مستوى الإبداع الاختراعي Inventive Creativity: وأهم ما يميز هذا المستوى الاختراع والاكتشاف اللذان يضمان مرونة في إدراك علاقات جديدة وغير عادية بين مجموعات أجزاء كانت منفصلة من قبل.
4.   مستوى الإبداع الانبثاقي Emergentive Creativity : ويمكن الاستدلال على هذا النوع من الإبداع بظهور نظرية جديدة أو قانون علمي تزدهر حوله مدرسة فكرية جديدة.
5.   مستوى الإبداع التجديدي Innovative Creativity: ويستدل على هذا النوع من الإبداع بقدرة الفرد على التطوير والتجديد الذي يتضمن استخدام المهارات التصورية الفردية. 
ويرى بعض الباحثين أن العامل المهم في العملية الإبداعية هو الإلهام الذي قد تسبقه فترة من التفكير والبحث عن الحل أو فترة من الهدوء والاسترخاء والسكون، وتأتي الفكرة الملهمة فجأة، وفي وقت لا يكون المبدع منشغلاً بالتفكير فيها، وقد تأتي هذه الفكرة في أثناء الأحلام الليلية.  هم يعرف التفكير الإبداعي بأنه ” القدرة على إنتاج شيء جديد والخروج بمخزون من المعلومات التي ينتفع بها “. 
جـ. تعريف التفكير الإبداعي على أساس السمات الشخصية: 
هناك بعض الآراء التي نظرت إلى الإبداع في ضوء السمات الشخصية التي يتميز بها الفرد المبدع؛ حيث يتسم الفرد المبدع بمجموعة من الخصائص الشخصية التي تميزه عن غيره من الأفراد العاديين، والتي تساعده في عمليات الإبداع المختلفة.
وتشير الدراسات إلى حصول المبدعين على درجات مرتفعة في الاختبارات التي تقيس عوامل المرونة، والطلاقة، والدينامية، والصراحة، والوضوح، وحب الاستطلاع، والاستقلال الذاتي، وإصدار الأحكام، والثقة بالنفس، والتحلي بروح المرح والدعابة.
وقد وصف  D. Perkins الشخصية المبدعة، بأنها تشمل ست سمات سيكولوجية مترابطة، ولكنها أيضاً متمايزة، وأن الأفراد أو المبدعين قد لا يحوزون السمات الست كلها، إلا أنه كلما زاد نصيبهم منها كانوا أكثر إبداعاً:
1.    نزوع قوي إلى الجماليات الشخصية.
2.    القدرة العالية على اكتشاف المشكلات.
3.    الحراك العقلي، أي القدرة على التفكير بمنطق المتضادات، والمتناقضات.
4.    الاستعداد للمخاطر من خلال البحث دوماً عن الإثارة.
5.    سمة الموضوعية إلى جانب البصيرة والالتزام.
6.    الحافز الداخلي (الدافع) أي القوة الكامنة وراء الإبداع.
مكونات التفكير الإبداعي:
1. الطلاقة Fluency:
ويقصد بها القدرة على توليد عدد كبير من البدائل، أو المترادفات، أو الأفكار، أو المشكلات، أو الاستعمالات عند الاستجابة لمثير معين، والسرعة والسهولة في توليدها، وهي في جوهرها عملية تذكر واستدعاء اختيارية لمعلومات، أو خبرات، أو مفاهيم سبق تعلمها. 
وقد تم التوصل إلى عدة أنواع للطلاقة.  وفيما يلي تفصيل لهذه الأنواع.
أ. الطلاقة اللفظية Verbual Fluency:
وهي القدرة على سرعة إنتاج أكبر عدد ممكن من الكلمات التي تتوافر فيها شروط معينة أو النهايات المتشابهة وتلاحظ هذه القدرة على وجه الخصوص، لدى المبدعين في مجالات العلوم الإنسانية والفنون.
ب. الطلاقة الفكرية Associational Fluency:
وتشير إلى” القدرة على إنتاج أكبر عدد من التعبيرات التي تنتمي إلى نوع معين من الأفكار، في زمن محدد وتعد الطلاقة الفكرية من السمات عالية القيمة في مجالات الفنون والآداب. 
جـ. الطلاقة التعبيرية Expressional Fluency:
وتعني القدرة على التفكير السريع في الكلمات المتصلة الملائمة “ وإنتاج تعبيرات أو جمل تستدعي وضع الكلمات بشكل معين أو في نسق معين لمقابلة متطلبات عملية تكوين الجمل أو التعبيرات.
د. الطلاقة الارتباطية Associational Fluency:
وهي القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الوحدات الأولية ذات خصائص معينة مثل علاقة تشابه، أو تضاد.
2. المرونة Flexibility :
المرونة هي القدرة على تغيير الحالة الفعلية بتغيير الموقف.  والمرونة عكس التصلب العقلي الذي يتجه الشخص بمقتضاه إلى تبني أنماط فكرية محددة يواجه بها المواقف المتنوعة.
كما يقصد بها زيادة عدد فئات ما تم إنتاجه، والفئة هي مجموعة أشياء ذات خاصية واحدة، فمثلاً إذا طلبنا من أحد عمل صور متعددة من كل خطين متوازيين، فنجده مثلاً يعمل نخلة ووردة وشباك وباب وقلم رصاص وغير ذلك، وعند تقسيم هذه الصور إلى فئات نجد أن النخلة والوردة تعتبر من فئة النبات، والباب والشباك من فئة المعمار، والقلم من فئة الأدوات الكتابية، وهنا نلاحظ أن القدرة على الطلاقة سجلت (5) وحدات، والقدرة على المرونة سجلت (3) فئات.  وكلما زادت القدرة على تنويع الفئات زادت القدرة على المرونة، وهو ما يجب التنبيه عليه.
ويمكن التعبير عن المرونة في شكلين:
أ. المرونة التلقائية Spontaneous Flexibility:
وهي قدرة تعمل على إنتاج أكبر عدد من الأفكار بحرية وتلقائية، بعيداً عن وسائل الضغط أو التوجيه أو الإلحاح أو القصور الذاتي، ويتطلب من الشخص أن يتجول بفكره بكل حرية في اتجاهات متشعبة، فعندما يطلب منه ذكر الاستخدامات الممكنة لقطعة من الحجر، على سبيل المثال، نجده ينتقل من استخدامها في أعمال البناء إلى استخدامها في الموازين، واستخدامها كثقل لحفظ الأوراق من التطاير، واستخدامها للرمي في اتجاه بعض الأهداف، واستخدامها كمطرقة، وكمسحوق،... الخ، ولذا، عادة ما يتوقف ذو التفكير الجامد أو المحدد عند حد استخدامها لغرض واحد أو غرضين على أكثر تقدير، بينما يجد المبدعون عشرات الاستخدامات لقطعة الحجر.
ب. المرونة التكيفية Adaptive Flexibility:
وتشير إلى القدرة على تغيير أسلوب التفكير والاتجاه الذهني بسرعة لمواجهة المواقف الجديدة والمشكلات المتغيرة، وتسهم هذه القدرة في توفير العديد من الحلول الممكنة للمشاكل بشكل جديد أو إبداعي بعيداً عن النمطية والتقليدية.  ويمكن التعرف على مدى تمتع الشخص بهذه القدرة عن طريق الاختبارات التي تقدم للمفحوص مشكلة ثم تطلب منه إيجاد حلول متنوعة لها. 
وتقاس درجة المرونة بعدد الأفكار البديلة أو المواقف والاستخدامات المختلفة أو الاستجابات أو المداخل التي ينتجها الفرد في زمن محدد لموقف معين أو مشكلة “.
3. الأصالة Originality:
تعد الأصالة من أكثر الخصائص ارتباطاً بالتفكير الإبداعي، والأصالة هنا بمعنى الجدة والتفرد. وتشير الأصالة إلى القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الاستجابات غير العادية، غير المباشرة أو الأفكار غير الشائعة والطريفة، وذلك بسرعة كبيرة، ويشترط أن تكون مقبولة ومناسبة للهدف، مع اتصافها بالجدة والطرافة.
وللحكم على عمل ما بأنه جديد أو أصيل لابد أن يكون الحكم عليه من خلال نسبته إلى مجال معين أو إطار مرجعي، فإن ما قد يظنه شخص ما في مجتمع جديداً وأصيلاً قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر. 
كذلك يجب التفريق بين الأصالة والطلاقة، ففي حالة طلب تقديم فكرة غير مطروحة أو مألوفة، فإن ذلك يدل على الأصالة، أما إذا كانت الفكرة في عدد الأفكار المعروفة، فتعتبر نوعاً من أنواع الطلاقة الفكرية. وتقاس درجة الأصالة بمدى قدرة الفرد على ذكر أكبر عدد من الحلول غير الشائعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق