الأحد، 19 فبراير 2017

فكر في الآتي: وستحصل على ما تريد

فكروا في التالي: ما الشئ الذي بالحصول عليه ستكون سعيداً؟ فكر لدقيقة واحدة في هذا الأمر.
قد تكون الإجابة: الثراء الفاحش، الشريك المثالي، الصحة الجيدة، الكثير من السفر، الوقت.. الخ. الآن، إن فكرّت بالمسألة، سيكون لديك قائمة من، "هذا ما يجب الحصول عليه لاكون سعيداً."
 أتمنى أن تفكروا في هذا الأمر: أي شيء تستطيعون امتلاكه ، تستطيعون فقدانه، صحيح؟ الصحة المثالية تجعلك سعيداً. لكنها قد تختفي غداً. المال الذي تملكه قد تفقده غدًا. إذن مهما كان ما تحصل عليه ليجعلك سعيداً قد يختفي في أي لحظة. فكيف ستكون لحظتها؟ ستكون في وضع سيء ؟ صح؟
لدي نصيحة لكم هي لا يوجد شيء يجب عليك أن تمتلكه، أو تفعله، أو تكونه لتكون سعيداً. دعني أكرر ذلك: لا يوجد شيء يجب عليك أن تمتلكه، أو تفعله، لتكون سعيداً. السعادة هي طبيعتك الذاتية. إنها مثبّتة فيك. هي جزء من حمضك النووي. لا تستطيع أن تكون غير سعيد.


في كل مرةأقول هذا الكلام يبادرني شخص ما بما يفكر فيه الكثير منكم، وهو: "إذا كانت السعادة طبيعتي الذاتية لما لا أشعر بها إذن؟ لمَ أشعر بان حياتي تعيسة؟"
الإجابة على ذلك بسيطة جدا. لقد قضيتم حياتكم كلّها تتعلمون كيف تكونون تعساء. تعلمنا أن نكون تعساء من خلال تصديقنا لنموذجاً عقلياً معيّنا.

 النموذج العقلي هو مفهومنا عن كيفية سير العالم. كلنا لدينا العشرات من النماذج العقلية. لدينا نماذج عقلية عن كيفية الحصول على وظيفة، وكيف نرتقي في العمل، وكيف نختار مطعما لنأكل فيه، وكيف نجد فيلماً لمشاهدته.. العشرات من النماذج. ليست المشكلة في امتلاكنا لنماذج عقلية. المشكلة أننا لا نعرف أنها لدينا. نظن أن هذه طريقة سيرالعالم. وكلما نظرنا إلى نموذج عقلي، بدا لنا أنه يعكس طريقة سير العالم. لكن الأمر ليس كذلك: إنه نموذج عقلي فحسب،والنموذج العقلي الذي لدينا، والذي نؤمن به بقوة هو أننا علينا الحصول على شيء، ليكون باستطاعتنا فعل شيء، أو ليكون باستطاعتنا أن نكون شيئا. مثل، علينا الحصول على كمية كبيرة من المال لنستطيع السفر الى أماكن مذهلة،  فنصبح سعداء.

 فهذا شكل من أشكال نموذج

 "إذا-فعندها". ونموذج"إذا-فعندها" المقصود به: إذا حدث هذا، فعندها سنكون سعداء. إذا أمكنني الحصول على وظيفة أفضل إذا امتلكت مالاً أكثر إذا حدثت لمديري سكتة قلبية، إذا تزوجت، إذا تركتني زوجتي، إذا كان لدي أطفال، إذا كبر أولادي و ذهبوا للجامعة.. لا يهم ما هو. الفكرة كلها هي إذا حدث هذا، فعندها سأكون سعيداً.

ما هي الـ"إذا" التي تركزون عليها في الوقت الحالي؟ وما هو وجه الإختلاف بينك الآن وبينك قبل عشرة أعوام وما هي الـ "إذا" التي كنت تركز عليها؟ فكروا بحياتكم قبل 10 أعوام. اقضوا دقيقة في فعل ذلك. قبل 10 أعوام، كانت هنالك أمورمعينة أردتموها. هل ذلك صحيح؟والإحتمال الأكبر أنّ كثيرا من الأشياء التي أردتموها قبل 10 أعوام تمتلكونها الآن. هل ذلك صحيح؟ ما وضعكم الحالي؟ هل أنتم سعداء أم في نفس الحالة من المعاناة ؟
 إنّ ما لا ندركه هو أنّ النموذج نفسه خاطئ. نموذج إذا-فعندها -- "إذا حصل هذا فعندها سأكون سعيداً". ولكننا بدلاً من التسليم بأنّ النموذج نفسه خاطئ، نقوم بقضاء وقت كبير في تغيير الـ "إذا". " فقد ظننتُ أنني إذا أصبحت مديراً تنفيذياً سأكون سعيدًا، ولكني الآن أدرك أنني لا أريد أن أصبح مديراً تنفيذيا فقط. ولكني أريد أن اصبح مديراً تنفيذياً مليارديراً، فعندها سأكون سعيداً. لتوضيح ذلك.
هل باستطاعة أيّ منكم تذكّر مرة كنتم فيها أمام منظر ذي جمال خلاب بحيث أخذكم جماله إلى خارج أنفسكم الى مكان تملؤه السكينة؟ ربما منظر المطر، أو سلسلة جبلية، أو صحراء ، أو بحر. هل تساءلتم مرةً لماذا حدث ذلك؟ السبب أنكم بشكل ما، لسبب ما، قبلتم الكون كما هو تماماً. لم تقولوا، "إنه قوس قزح جميل، لكنه يميل إلى اليسار قليلا، ولو استطعت تحريكه 200 ياردة إلى اليمين، سيكون أجمل من ذلك بكثير."

 أو يقول، "ذلك واد جميل، ولكنّ الشجرة أمامه فيها أغصان كثيرة منحنية. فلو أعطيتني منشاراً كهربائياً و20 دقيقة، لأمكنني جعله أفضل بكثير."
في اللحظة التي قبلتم فيها الكون كما هو تماماً، ذهبت عنكم نفسكم المتطلبة ، وعلت السعادة التي هي طبيعتكم الذاتية، فشعرتم بها.
 المشكلة أنّ حياتكم الآن، مع جميع المشاكل التي تواجهكم-- مثالية كما كانت. ولكنكم لا تقبلونها. في الحقيقة، أنكم تقضون كل وقتكم تكافحون بكل ما أوتيتم من قوة لجعلها مختلفة. فأنتم لا تقبلونها.وعندما لا تقبلونها، فإنكم تؤمنون بنموذج إذا-فعندها: إذا حدث هذا، فعندها أكون سعيداً.
لذا دعوني أريكم كيف يمكنكم التخلص من ذلك، أو على الأقل يمكنكم بدء الخطوات تجاه التخلص من ذلك.. كلنا نعيش حياتنا لأننا نريد الوصول إلى شيء ما، صحيح؟ كما تعرفون، نحن نريد أن نمتلك شيئاً ما. أليكس يريد أن ينجح المؤتمر. ، والعديد منكم يريد أن يكون لديه برنامج لشركته يكون ناجحاً جداً. تريدون أن تتقدموا، وتحصلوا على المزيد من المال، كل ذلك، حسناً؟
 الآن، فكر بالتالي: هل الأفعال تحت سيطرتنا، ولكن النتيجة خارجة عن سيطرتنا بالكلية؟ نعم الأفعال تحت سيطرتنا أما النتائج فخارج سيطرتنا بصورة كاملة.
 هل يدرك أيّ منكم أنه عندما يكون لديه هدف ويشرع في العمل لتحقيقه، أنه قد لا يحقق ذلك الهدف، بل وفي أحيان أخرى، يكون ما يحصل عليه نقيض ما أراده بالضبط؟ هل حدث ذلك لأي منكم؟
 مثال ذلك قال صديق لي، " أتعلم، لم أكن أولي الكثير من الانتباه لزوجتي، لذا عندما ذهبنا في رحلة عمل، اشترىت لها فستاناً باهظ الثمن. وكانت هذه هي طريقتي في إظهار الإهتمام بها، وتوقعت أن ينال هذا استحسانها، وعندما قدّم الهدية لزوجته، كان ردها : "بعد 20 عاماً من زواجنا، لا زلت لا تعلم مقاسي؟"

 وأيضًا لا تعرف أني لا أرتدي أبداً مثل هذا النوع من الفساتين؟" ومن حيث لا يدري، كان أمام شجار عائلي كبير ، هل حدث ذلك لأي منكم؟ قمتم بفعل للوصول لنتيجة معينة وكانت النتيجة التي حصلتم عليها عكس ما أردتم تماماً ؟ يحدث ذلك كثيرًا.
النتيجة تختلف عادة عمّا نحب ، وفي بعض الأحيان تكون عكس ما نحب. ركز على النتائج وأضمن لك الحصول على مزيد من الإحباط والقلق مما يجعل الحياة رديئة.
 ولكن هنالك بديل. والبديل هو ألا تركز على النتائج، بل تركز على العملية نفسها. وأفضل طريقة لوصف ذلك هو اقتباس لجون وودِن، الشخص الوحيد الذي وصل إلى قاعة مشاهير كرة السلة كلاعب وكمدرّب أيضاً، وقاد فريق جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس لعدد غير مسبوق من الانتصارات والنهائيات في NCAA -- وكان ما يقوله لأي فريق جديد هو أنه لم يتحدث أبداً عن الفوز. كان يقول دائماً، "عندما تنتهي المباراة وتنظر في المرآة، أسئل نفسك هل فعلت كلّ ما بوسعي؟ فإن كنت قد فعلت ما باستطاعتك، فالنتيجة ليست مهمة. ولكنّي أظن بأنك لو فعلت ما باستطاعتك، لوجدت النتيجة كما تحبها." هذا هو المقصود بالتركيز على العملية وليس على النتيجة.

ولكن ما نفعله هو العكس تماماً. فنحن نركز على النتائج. ونعتقد إن حصلت علي ما أريد سأكون سعيداً. ونحاول بكل ما أوتينا من قوة، ونفعل كل ما نقدِر عليه، ولكنّك تركز دائما على، " النتيجة." لا بأس في التركيز على النتائج. فذلك يرشدك إلى الوجهة الصحيحة. ولكن التركيز على النتائج يعني أنك تجعل من الوصول إلى نتيجة معينة ركيزة لسعادتك. وتلك وصفة أكيدة للتعاسة.
يمكنكم فعل شيئاً آخر. يمكنكم التركيز على العملية.  من الممكن التركيز على النتيجة فقط من أجل معرفة الاتجاهات، ثمّ تركزون كلياً في العملية. فتقولون، هذه هي الخطوات التي نريد اتباعها، وتفعلون كل شيء فيها. فإن نجحتم، ذلك رائع. وإن لم تنجحوا، ذلك أيضاً رائع، لأنكم الآن لديكم نقطة بداية جديدة، ومن نقطة البداية تلك، تختارون نتيجة أخرى وتواصلون العمل. وعندما تقومون بذلك، سترَون أنّ كلّ يوم بمثابة تحدي جديد.
دعوني أعطيكم مثالاً. هل رأيتم طفلاً صغيراً يتعلم المشي؟

 وذلك يحصل عادة بين 11 و 13 شهرا من العمر، هو أنّ الطفل يقوم ويرى الجميع يمشون، فيريد المشي، يقوم، ويقع، ويبدأ البكاء وتركض الأم لمواساته، فتُشعره بتحسن. يحاول الطفل مرة أخرى، يقع أرضاً، وتركض الأم مرة أخرى. وبعد بعض الوقت، تشعر الأم بالتعب ولا تعاود الركض إلى الطفل ويتوقف الطفل عن البكاء، ثمّ ينهض، ويمشي خطوة ولا يقع أرضاً، ثمّ يمشي خطوة أخرى، وتعلو وجهه ابتسامة جميلة. وبعد ذلك بقليل، وخلال 24 ساعة، يكون الطفل يمشي في الأنحاء، ويبعثر غرفة المعيشة. وتعلم أنّك انتقلت إلى مرحلة جديدة من العناية بالطفل. صحيح؟

الآن، تخيّلوا ما كان ليحدث لو أنّ كل مرة وقع فيها الطفل، قال، "يا الهي، لقد فشلتُ. لن أتعلم المشي أبداً." ويكون عليكم أن تقدموا له المساعدة ليستطيع التعامل مع مشاعر الاحباط وعدم القدرة على النجاح والفشل في كل مرة. كم برأيكم سيستغرق الطفل لتعلم المشي ؟؟ مؤكد طويلًا جداً. ذلك ما نفعله بالضبط. ما يفعله الطفل هو التركيز على العملية. إنه يستثمر في العملية، وليس في النتيجة.وما نفعله نحن العكس تماماً، نحن لا نركز على العملية، بل على النتائج. والنتائج بطبيعتها خارج سيطرتنا، وإن كان ذلك يجعلنا ننفق كلّ طاقتنا العاطفية، فإننا حتمًا سنستنفدها في سعينا.
أما إذا قلنا، "هذه هي النتيجة، وسأقوم بالتركيز على العملية وسأبذل لأجلها كل ما أستطيع،" فسيكون كلّ يوم رائعاً، وستكون في مسارك إلى تحقيق الهدف الذي حددته لنفسك.
قد يتسأل الناس، " ولكن لا يوجد شيء أحس أني شغوفاً به." حسناً، ما الذي سيجعلك كذلك؟"
 الشغف موجود في داخلكم.ولا يوجد في العمل. وإن لم تجدوا طريقة لإشعاله في داخلكم حيثما أنتم، فلن تجدوه في الخارج. ولكن إن وجدتم طريقة لإشعاله حيث أنتم، فعندها ستجدون أنّ العالم الخارجي سيعيد ترتيب نفسه ليناسب الإنسان الجديد الذي أصبحتموه. وبينما تفعلون ذلك، ستجدون أن المعجزات تحدث بصورة مستمرة. ستقابلون أشخاصاً يسركم لقاؤهم. وسيدخل أشخاص جدد حياتكم. وسيكون ذلك بصورة سهلة كالنسيم.

إن بدأتم فعل ذلك، سترونَ أن حياتكم تتغير. نوع الناس الذين تلتقون بهم، الأشياء التي تتحدثون عنها، الأفلام التي تشاهدونها، وحتى الكتب- كل ذلك سيتغير. وبداية كل ذلك بالتركيز على العملية وليس على النتيجة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق